الرجل الصنم يقدسونه في تركيا حياً وميتاً

الرجل الصنم يقدسونه في تركيا حياً وميتاً

 

كلمة ع الماشي د. هاني السباعي

 

لقد خرب هذا الصنم البشري؛ هوية الأمة الإسلامية التركية التي حكمت ثلاث قارات؛ آسيا أوروبا أفريقيا! لقد قزم الطاغية مصطفى كمال أتاتورك دولة مترامية الأطراف؛ كان يقطنها أمم وشعوب وأعراق من جميع الأجناس إلى دولة صغيرة اسمها تركيا الحالية!.

لقد استعرت هذه العبارة (الرجل الصنم) من الكتاب المشهور الرجل الصنم لضابط تركي سابق كنت قد حصلت على نسخة من الكتاب قديماً في مصر. على أية حال هذا الكتاب جدير بالقراءة.  

من عجائب المقدور! أن هذا الصنم المعبود الجديد لدى معظم الأتراك ـ ويا للحسرة ـ استطاع بسهولة أن يغسل أدمغة الأتراك؛ فقضى على تاريخ ستة قرون في سنوات معدودات! وجرف منابع التدين في الأمة! وغير وبدل دين الإسلام، وشن حرباً ضروساً على معالم الدين؛ من ثوابت وهدي ظاهر! وحرض على الإلحاد، والطعن في الدين، ونشر الرذائل، والفواحش، وشرعن دور البغاء والدعارة! بزعم التحرر! ورغم ذلك يقدسونه! ولله في خلقه شؤون!

 

يوصف هذا الصنم الذي قضى على الخلافة الإسلامية العثمانية بأنه مؤسس الدولة التركية الحديثة! حكم من عام 1923 إلى أن هلك في سنة 1938 بمباركة سدنة الغرب!.

في العام التالي لحكمه سنة 1924 أسقط الخلافة العثمانية رسماً! ثم بعد ذلك بعامين أي سنة 1926 ألغى الشريعة الإسلامية من كافة المناحي الحياتية! وأعلن علمنة الدولة وأن السير في ركاب الغرب هو الحل!!

لم يكتف هذا الطاغوت بانقلابه على الإسلام وأهله؛ فقط سن قانوناً يساوي بين المرأة والرجل في الميراث متحدياً القرآن الكريم! ورغم ذلك يقدسونه!

ثم تمادى الرجل الصنم في غيه؛ فمنع المسلمين الأتراك من شعيرة الحج والعمرة! وحارب الحجاب والعفاف! ومنع رفع الأذان في المساجد! وحول العاصمة من اسطنبول إلى أنقرة!.

ثم ثالثة الأثافي؛ أمر بتغيير الحروف العربية من اللغة التركية! ومنع تدريس اللغة العربية في البلاد!.

 وظل هذا الشيطان المريد أتاتورك؛ يعادي أي شعيرة من شعائر الإسلام؛ فمنع الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى!، وجعل العطلة الأسبوعية الأحد بدلاً من يوم الجمعة! وإمعاناً في إذلال المسلمين أصدر مرسوماً في شهر رمضان الكريم  بتتريك القرآن الكريم! والأذان باللغة التركية! وجعل جميع الشعائر والأدعية بالتركية بدلاً من العربية، وإدخال الموسيقى المساجد!. ورغم ذلك يقدسون هذا الصنم!  

أغلق هذا الصنم الذي يقدسونه في تركيا مسجد "آيا صوفيا"! واستباح دون حق أموال سلاطين آل عثمان، وشردهم في العالم شذر مذر! وسفك دماء العلماء، وكل من كان يعترض على ردته الجامحة! بل إنه استنسخ محاكم التفتيش، ونشر قطعان "البصاصين" في كافة مدائن تركيا؛ بغية الوشاية بأي شخص يتعاطف مع تاريخ العثمانيين، أو مجرد التدين الذي يخالف دين الصنم الأكبر أتاتورك!! ورغم كل هذه الجرائم  يقدسونه!.

وقد وصل أتاتورك إلى حضيض الردة والخساسة؛ أن وضع مادة في الدستور غير بموجبها القسم بالله العظيم إلى القسم بالشرف عند تقلد المناصب كرئاسة الجمهورية وغيرها!!  

يزعم هذا الطاغية المنحرف عقدياً أنه فعل ذلك؛ لتكون تركيا دولة حديثة معاصرة كدول الغرب!! رغم أن أمريكا ذاتها وهي زعيمة العلمنة في العالم لا يوجد هنا النص في دستورها! بل يترك الرئيس أو أي شخص يتقلد منصباً أن يقسم بما يعتقد!!.

وفي بريطانيا أعرق دولة في الماسونية والعلمنة في العالم؛ لا يوجد في دستورها غير المكتوب مثل هذه الترهات! فمن يتقلد منصباً في المملكة المتحدة؛ يقسم بما يعتقد! ومعظم دول أوربا على هذا المنوال!!

أقول: هذا العدو المحلي (الكفر الطارئ) أقصد الرجل الصنم أتاتورك، ومن على شاكلته أخطر من العدو الخارجي أقصد الكفر الأصلي! والذي يثير حفيظة أي مسلم غيور على دينه أنهم؛ يقدسونه ويقفون في خشوع وتضرع وهيبة أمام ضريحه الضخم المطل على سكان أنقرة! كأنه يراقبهم حياً وميتاً!!

صفوة القول

فبعد هذا التطواف حول بعض جرائم،  ومخازي هذا الصنم الخبيث؛ لا يزالون يقدسونه في كافة المناحي الحياتية بتركيا!!

العثمانيون حكموا العالم قرابة 6 قرون، وكان تحت سلطانهم شعوب يتحدثون بلغات شتى؛ فصهروهم في بوتقة واحدة تحت حكم الإسلام! ثم جاء المخربون الجدد صنيعة الإنجليز والغرب فقضوا على دولة الخلافة! واستمسكوا بدولة صغيرة "تركيا" التي تستجدي الاتحاد الأوروبي لكي يقبلها عضواً! وهيهات هيهات!. هذه الدولة القزم التي يحتفلون بها هي التي أسسها هذا الصنم الطاغوت؛ كمال أتاتورك!!

من عجائب المقدور أيضاً أنهم يحتفلون كل عام أمام النصب التذكاري، ولديهم عطلة رسمية في أنحاء البلاد؛ مع أفراح وأهازيج؛ بمؤسس تركيا الحديثة الصنم الأكبر أتاتورك! الذي يلقب بأبي الأتراك!! يستبدلون الذي هو أدنى (دولة الالحاد والعلمنة) بالذي هو خير (دولة كانت تحكم بالإسلام عدة قرون)! يختزلون تاريخ المسلمين الأتراك في رجل صنم!! ولله في خلقه شؤون!!

أعتقد أنه لن تعود تركيا إلى الإسلام الحقيقي إلا إذا حطمت أصنام العلمنة وعلى رأسهم الرجل الصنم؛ معبودهم الذي يقدسونه حياً وميتاً!  

د. هاني السباعي 15ذو القعدة 1444هـ ـ 4 يونية 2023